تمزفيدة··· منطقة سياحية

كثيرا ما يرتبط لدى السياح الحج إلى الشريعة بموسم تساقط الثلوج الذي يكون في العادة على مدار الأشهر الأربعة الممتدة ما بين شهري ديسمبر ومارس من كل سنة· فخلال هذه الفترة لا تكاد الحركة على الطريق الوحيد المؤدي إلى أعالي الشريعة تنقطع، بل غالبا ما لا يتمكن الآلاف من السياح من الوصول إلى مركز المدينة أو محطة التزحلق التي هي الوجهة المفضلة للكثيرين في موسم تساقط الثلوج، حيث يضطرون إلى الاستمتاع بمناظر الثلج المتراكم فوق الجبال الذي يكسو أشجار الأرز بدءا من الحزام السفلي لمنطقة هذا النوع النباتي النفيس والنادر في الجزائر· وقد قدرت المصادر عدد الزوار الذين توافدوا على الشريعة في شتاء العام 2004 مثلا بنحو 6,1 مليون سائح٠

ولكن ثمة ثقافة أخرى بدأت تترسخ لدى الجزائريين وهي ثقافة السياحة الجبلية، فهناك من الجزائريين من تسكنه الشريعة في غير أوقات الثلج، في الأوقات العادية من الربيع أو الصيف، وتوفر الشريعة في هذين الموسمين فضاءات هائلة وشاسعة من الغابات ذات الظلال الوارفة والهواء النقي، يقصدها الناس هربا من ضجيج المدن وتكدّس الأجساد البشرية على الشواطئ وما يصحب ذلك من إزعاج وفوضى لا يطيقها من ينشدون راحة البال والهدوء والاستمتاع ببدائع الخالق· وتجد العائلات ضالتها في الأماكن التي هيأتها إدارة الحظيرة في محطة بني علي مثلا أو وسط أشجار الأرز القديمة في أعلى الشريعة، والتي قيل لنا أن عمر بعض الأشجار يربو عن ثلاثة قرون، لا تزال خلالها صامدة وطامعة في المزيد٠

لا تزال المياه تجري صافية في هذه الوديان ولا تزال تتدفق من الشلالات التي تراها عين كل مسافر على الطريق الوطني رقم واحد الرابط ما بين الشفة والمدية على مستوى النفقين٠ وعلى طول ضفتي النهر، تشاهد أعمدة دخان الشواء منبعثة، حيث تلتف العائلات على موقد للشواء وطاولة لتناول وجبة الغداء التي يفضل الكثير منهم إحضارها من البيوت، كما تنشط في الوقت نفسه حركة تجارية كبيرة يصنعها أصحاب المطاعم الممتدة على طول الطريق الوحيد بمدينة حمام ملوان والباعة من الأطفال الذين يعرضون خبز الدار والبيض والدجاج العربي المعروف بألوانه المزركشة الزاهية وبنيته الصلبة والجبن التقليدي وبعض الفواكه المنتجة محليا وأنواعا من العسل وغير ذلك· يتوافد على منطقة حمام ملوان أكثر من ثلاثة آلاف زائر يوميا، لكن المنطقة تبقى بحاجة إلى مزيد من الهياكل السياحية٠